اختلاف ترجمة الكلمة الواحدة باختلاف النص: حقائق وآراء

اختلاف ترجمة الكلمة الواحدة باختلاف النص: حقائق وآراء

من الأمور المهمة في حياة المترجم واللغوي المتمرس والتي ترفع من قدر ترجمة على أخرى وتُظهر ترجمة أحدهم وكأنها زهرة متفتحة في بستان، تقدير المترجم واللغوي لاختلاف ترجمة الكلمة الواحدة باختلاف النص!

 

فمثلًا قد يترجم أحدهم كلمة Play باختلاف النص إلى (يلعب) Play his role effectively؛ يلعب دوره بفعالية! وهي ترجمة حرفية وخاصة في النصوص الصحفية والسياسية! فاللعب في اللغة العربية لا يوحي بالجدية والأفضل أدى دوره بفعالية أو قام بواجبه على أكمل وجه، أو ما شابه من تعابير واصطلاحات. وهو ما يختلف عن معنى الكلمة في مجال التمثيل  أو المباريات طبعا.

 

وقد يترجم المترجم كلمة cover دون تفكير إلى يغطي كذا! إلا أن الأصوب والأكثر بلاغة أن تترجم إلى سد أو قضى شيء ما حسب النص طبعا لأنه هو الحكم النهائي!

 

أضف إلى ما سبق كلمة Sustainability والتي انتشرت على إنها استدامة الشيء! فمثلا ترجمة Debt Sustainability إلى “استدامة الدين” هي ترجمة لا معنى لها  والأصوب أن تترجم إلى القدرة على مواصلة تحمل الدين، أضف إلى ذلك Self-Sustainability فإذا ترجمت إلى استدامة الذات تقع المصيبة! فالأصوب “الاكتفاء الذاتي”، …إلخ.

 

أضف إلى ذلك شيوع ترجمة كلمة Provide إلى “يوفر” والتي يفضل أن تترجم إلى “يمد، يزود، يجهز… حسب النص! وكذلك كلمة Develop إلى “ينمي/ يطور” والتي أحيانا ما نجدها في النصوص القانونية بمعنى يضع قانون ما أو ما شابه!

 

وقد يكون غريب بعض الشيء على غير المتخصصين في الترجمة القانونية أن يترجموا كلمة Challenge إلى “يطعن في كذا” والتي لطالما ترجمت إلى “تحدي/ يتحدى” ولكن ماذا عن ترجمة الكلمة ذاتها هنا:

 

Over the last six months, we have seen the Orlando government withdraw their claims in the Welsh High Court to challenge the Second Partial Final Award which was handed down on 20 March 2015

وعلى مدى الأشهر الستة المنصرمة، شهدنا حكومة أورلاندو تسحب شكواها من المحكمة العليا الويلزية للطعن في قرار التحكيم النهائي الثاني (قرار التحكيم النهائي عن المحكمة الثانية) الصادر في 20 مارس 2015.

 

وأخيرًا كلمة Background والتي طالما ترجمناها إلى “مختلف الثقافات والأجناس” أو إلى “خلفيات ثقافية مختلفة” إلا أن لغتنا العربية غنية وثرية ولديها تعبير رائع يعبر عما سبق بقول “من مختلف المشارب”… (مع مراعاة الجمهور المتلقي ومدى ثقافته كما أسلفنا هنا) والأمثلة في هذا الصدد كثيرة وللإبحار في هذا العلم أوصيكم ونفسي بدوام قراءة ومطالعة كتاب دكتور محمد عناني “مرشد المترجم”. ومن المواقع المفيدة في ترجمة الكلمة الواحدة بمختلف النصوص موقع مكتبة لبنان ناشرون: http://www.ldlp-dictionary.com/.

 

#دمتم_لغويين

بقلم: شيماء رياض

الفرق بين الفصاحة والبلاغة والتحذلق في نصوص الترجمة إلى العربية

الفرق بين الفصاحة والبلاغة والتحذلق في نصوص الترجمة إلى العربية

الترجمة في رأيي هي سبيل التواصل اللغوي لإبراز فحوى النص الذي يريد الكاتب إيصاله للقارئ؛ هي فن التعبير عن المقصود بكلام بَيَّنَ ومفهوم لكافة الفئات المجتمعية بمختلف مشاربها وثقافاتها.

 

ولكن مفهوم الفصاحة والبلاغة لدى بعضنا كثيرًا ما يشوبه خلطٌ ويعتريه “تحذلقٌ لغويٌّ” يُفقد النص فصاحته وبلاغته؛ ما يعني خللا في إفهامه!

 

ومن هنا وددت أن أهمس في أذني وأذن زملائي بما يلي “كفا بعضنا تحذلقًا لغويًا”

 

قبل التراقص فرحًا بعد الإتيان بأساليب البيان، والمعاني، والبديع المختلفة سل نفسك: أستصل رسالة الكاتب للقارئ وصولًا سلسًا ومفهومًا؟ أسيمثل ذلك نجاحًا للمترجم في مهمة إيصال المعلومة للجمهور المستهدف؟! أم إنها ستحول بينه وبين نجاح عملية الترجمة رغم استخدام كلمات عند أهلها وفي مقامها الصحيح بليغة وفصيحة ولكنها استخدمت في غير مقامها فلم تتحقق لا البلاغة ولا الفصاحة؟!

 

درر لغوية تتناثر أمامي هنا وهناك أتأملها وأذهب للنص الأصلي وللجمهور المتلقي ثم أتعجب ما سبب كل هذا الثقل اللغوي الذي ورد في الترجمة؟! أوصيكم ونفسي بألا تحملوا النص ما لا يطيق كي لا تنقلب الأمور رأسًا على عقب وتذكروا أن لكل مقام مقالا! ما الفائدة من خلو النص/ الكلمة من كل معاني البيان والظهور، ما الفائدة من نص تتنافر فيه الحروف وتشكل ثقلًا على المسامع واللسان، ألم يحل ذلك بينه وبين إفهام مراد رسالة الكاتب وفحواها ما يعني فشل الترجمة؟!

 

#دمتم_لغويين

بقلم: شيماء رياض

قبل قبول مشروع الترجمة… من فضلك فكر مرتين!

قبل قبول مشروع الترجمة… من فضلك فكر مرتين!

في عملنا الترجمي وخاصة العمل الحر، يقابلنا عملاء من كل حدب وصوب وبالتالي الطبائع تختلف والسياسات أيضًا، ولكن في النهاية أنت غير مطالب بالتغيير وفقًا للعميل كالماريونيت! بل عليك أن تضع قواعدك الخاصة مع الجميع ومن هنا جاءت فكرة هذه المقالة.

 

لن أطيل الحديث، هذه القائمة تمخضت عن خبرة سنين طويلة في المجال جمعتها لعلها تكون المنجية لكل مبتدئ أو حتى صاحب خبرة قبل المضي قدمًا في أي مشروع أو في التعامل مع أي عميل مهما كان.

 

قبل الموافقة على ترجمة مشروع ما أو حتى على إعلام أحدهم بسعرك الخاص مقابل 250 كلمة مثلًا تذكر الإجابة على ما يلي:

  • هل لي أن أرى جزء من المشروع قبل البدء فيه؟

من منا لم يخطئ واستلم ملفًا من عميل ما ووجد نفسه حائرًا في تخصص لا يقع ضمن دائرة إمكاناته/ موهبته… الأفضل أن تكون صادقًا مع نفسك ومع عميلك. ألقي نظرة أولًا ثم أجبه.

!Check Then Confirm

  • كيف سيتم محاسبتي: وفقًا لعدد الكلمات في الملف الأصلي أم وفقًا لعدد الكلمات في الملف المترجم ولماذا؟

في الحقيقة اختلفنا جميعًا – أصحاب الخبرة – في الرد على هذه النقطة ولكن الأساس فيها المحاسبة وفقًا لعدد كلمات الملف الأصلي إلا في حالات فردية بسيطة جدًا تختلف وفقًا لطبيعة المشروع ولطبيعة اللغة نفسها، وأحيانًا وجود صعوبات في معرفة عدد الكلمات إن كانت النصوص مصورة لأن برامج عد الكلمات أو الـ OCR لا تدعم العربية كليًا وأحيانًا نجد النتيجة مجرد أكواد لا أكثر ولا أقل!

 

  • هل سيستلم العميل المباشر الملف مباشرة أم سيراجعه آخرون؟ ما هويتهم وما لغتهم الأم؟ ما مدى كفاءتهم لإتمام هذه المهمة؟

من منا لم يستلم قائمة أخطاء غير مبررة! مجرد “فذلكة” أو إعادة ترجمة لأن الغالب الأعم للأسف لا يميز الخيط الفاصل بين المراجعة والترجمة: مثال حدث معي ذات مرة شخصيًا بتغيير كلمة (الماضي) لكلمة (المنصرم)! وعليه، يجب أن تكون على أتم الاستعداد للدفاع عن ترجمتك ولكن قبل الدفاع سل نفسك: هل أتقنت عملك فعلا؟! هل بحثت عن كل كلمة؟! هل درست النص قبل ترجمته؟! هل قرأته قراءة سريعة وبحثت عن مراجع تهتم بالمجال الذي ستترجم فيه كي تفهم لغة التخصص؟! هل سألت عميلك عما إذا كان هناك مسردًا معينًا يريدك أن تستخدمه في أثناء الترجمة؟! ما الأسس التي بني عليها هذا المسرد المقترح؟! … إلخ

 

  • هل ستستخدم برامج الكات تولز أم لا؟ هل تعلم أن استخدامها يزيد سعرك لدى العميل؟

وإن استخدمتها هل هناك برنامج معين يفضله العميل أم لا؟ قاعدة عامة: كلما زادت مهاراتك/ شهاداتك زادت معها تسعيرتك الترجمية.

 

  • هل يحتاج المشروع/ العميل خدمات النشر المكتبي؟

خدمات النشر المكتبي DTP لها سعرها المنفصل عن خدمات الترجمة والمراجعة طبعا!

 

  • ما سياسة الدفع المتبعة ومن سيتكبد مصاريف التحويل: أنت، أم العميل، أم مناصفة بينكما؟

الإجابة هنا تترك لطبيعة العميل نفسه والبلد القاطن فيها ونمط الدفع وخاصة إن كان التحويل بنكي، ولكن قاعدة عامة مصاريف التحويل يتكبدها العميل المحلي لأنها ليست كبيرة!

 

  • ميعاد التسليم من يحدده؟

إذا سألك عميل ما عن “الكوتا اليومية” لا تتعجل في الإجابة وتقع في الفخ، لأنها تختلف باختلاف التخصص والنص واللغة ومدى صعوبة المادة التي تترجمها. وبالنسبة لميعاد التسليم إذا ترك لك؛ فيجب أولًا أن تتصفح الملف ومن بعدها تحدد بينك وبين نفسك ميعاد تسليم معين، وتبلغ العميل بغيره! مثال لذلك: هذا المشروع يمكنني إنجازه في عشرة أيام (ردك على العميل) في حين أنك ستنجزه في أسبوع مثلا (ردك على نفسك)، لماذا؟ تجنبًا لحدوث أعطال، أمراض، أي ظروف لا إرادية لا قدر الله، وهذا من شأنه أن يمنحك الفرصة الكافية لإتقان العمل وإن أنجزته قبل الموعد سيكون هذا رائعًا وسيعلي من قدرك لدى العميل.

 

  • ماذا لو جاءك أحد العملاء وقال لك “لدي ملف عدد كلماته (…) مطلوب في 3 أيام”؟

    الإجابة يجب أن أرى جانب من النص (الملف) أولًا! كما يجب التأكد من إمكانية فتح جميع الملفات قبل تأكيد المهمة، فضلًا عن التعرف على تخصص/ مجال النص.

 

  • استلمت ملف للترجمة ووردت به أخطاء أو مكتوب بخط اليد، ما الحل؟ من منا لم يستلم ملفات مكتوبة كتابة سيئة سواء أكانت بخط اليد أم بلغة غريبة يشوبها أخطاء قد تؤثر على العمل النهائي؟

في البداية وضح كل ذلك للعميل واطلب منه نسخة أفضل وإن تعذر عليه ذلك، عليك أن تحاول تجنب الأخطاء قدر المستطاع في ترجمتك: وجود الخطأ لا يعني ترجمة الخطأ نفسه في الملف النهائي!

#دمتم_لغويين

بقلم: شيماء رياض

تذكرة سفر مجانية لعالم الترجمة والمترجمين

تذكرة سفر مجانية لعالم الترجمة والمترجمين

يبحث المترجم الحر دومًا عن عمل مستديم، وبالطبع ينتابه _بين تارة وأخرى_ الحيرة والشك، وخاصةً وقتما يتوقف أحد العملاء عن إسناد مشاريع إليه رغم دوام بحثه عن مترجمين؛ ولعل في ذلك مؤشرًا لوجود شيء ما وجب تغييره في الأسلوب المهني/ العملي. ومقالي يخص بالذكر العميلَ المخضرمَ ذا الثقل في المجال؛ باستثناء من يبخس المترجم حقه أو يتعامل معه بنظرة فوقية بعض الشيء.

 

ولعلك أخي المترجم تجد بين الحروف المنثورة هنا فرصة لتكتشف نفسك من جديد، أو لتعيد ترتيب مهامك وأمورك نحو علاقة أفضل بينك وبين العميل. وإن كانت الأمور تسير معك على ما يرام، فإن مرادي يتلخص في إعادة هيكلة المفاهيم ومناقشتها من جديد، ذلك لأن المترجم إلى جانب الجودة التي يقدم، “سمعة” وخاصة في عالمنا “الحر”.

 

رحلتنا مكونة من ثلاث وجهات: أ) اختيار التخصص والتعليم الذاتي والعمل التطوعي؛ ب) إيجاد العميل واكتساب الخبرات العملية؛ ج) الخبرة والعمل المستمر.

 

الوجهة الأولى

اختيار التخصص والتعليم الذاتي والعمل التطوعي

متطلبات السوق أم الهوى الشخصي؟: مشكلة اختيار التخصص لا مفر منها في مجالنا، وإجابة هذا السؤال تبدأ بأن تبذل جهدًا فائقًا لمعرفة حقيقة مهاراتك التي تمكنك من مواكبة سوق العمل ومن بعدها، الإبحار المهني فيه” فالحق وسط بين باطلين”. وفي البداية يمكنك أن تقطف زهرة من كل بستان، وبعدها تواكب السوق ومتطلباته وفقًا لقناعتك الشخصية، اعرف شيئًا عن كل شيء، ولا تنسَ أبدًا حقيقة أنه لا يوجد أبدًا “مترجم بتاع كله!” واعتبر نفسك ولو لعام واحد في “إعدادي ترجمة”.

 

التعليم الذاتي المستمر: نصيحتي “ادخل وسط الزحمة ومتخافش!” لا تخفِ نفسك أمام الشاشة تتابع الأساتذة دون حوار وسؤال. كي تدخل المجال تابع مجموعات الفيس بوك التعليمية المنظمة، التي تخلو من القيل والقال والتفاهات؛ كي لا تنأى بعيدًا عن هدفك. احرص على حضور ورش العمل المجانية ومدفوعة الأجر إن كان ذلك عن بعد أو عن قرب. تعلم الاستفادة من مواقع LinkedIn وProz وTranslators Cafe. وقبل كل شيء تسلح بالقراءة وتدرج فيها بدءًا بالمستوى العام مرورًا بالمستوى المتوسط وصولًا للمتخصص. أضف إلى ذلك أهمية العمل التطوعي والأماكن التي تقدم هذه الخدمة كثيرة مثل Coursera وUnited Nations وTED وغيرها.

 

الوجهة الثانية

إيجاد العميل واكتساب الخبرات العملية

الاختبار/ العينة: من بعد دراسة السوق ومتطلباته، والتعرف على إمكاناتك ومهاراتك، تأتي مرحلة التسويق الذاتي لنفسك وفيها تتعرف على العملاء بمختلف طباعهم، ولكن ما تجده متكررًا في البداية هو الاختبار أو العينة التي يحدد بها العميل مستواك؛ ولا بد هنا من تأكيد حجم العينة الذي يتراوح من 250 إلى 400 كلمة كحد أقصى وما يزيد عن ذلك فهو مدفوع الأجر، مع العلم إن اختلاف السوق والجهة له دور في ذلك وسنتعرض لذلك بالتفصيل في مقالات أخرى لاحقا!

 

المشكلة المستمرة (أسعار الترجمة أو “الريت”): والآن وقد انتهينا من مرحلة التعرف على الذات والوصول لعميل من بعد توفيق الله في العينة، نأتي لمرحلة الاتفاق على الأجر، وهي في الحقيقة مشكلة تتفاقم يوميًا في عالمنا العربي، إلا أنه باتباع أسس معينة تنتهي المشكلة. أول تلك الأسس: القضاء نهائيًا على ما يسمى بالسعر الثابت في المجال! فالأسعار تختلف وفقًا للتخصص، ولبلد العميل، ولميعاد التسليم، ولمستواك، ولخبرتك. علمًا بأن زملاءنا الأجانب قد وضعوا أساسًا من ثلاثة ألوان لحل مشكلة الأسعار وفقًا لما ورد أعلاه: الأحمر والأصفر والأخضر؛ أما الأحمر، فهو ما يرمز للسعر غير المقبول أبدًا؛ أما الأصفر فهو ما يرمز لمتوسط السعر أو الحد الأدنى الذي تحدده وفقًا لإمكاناتك واحتياجاتك؛ أما الأخضر فهو ما يرمز لسعرك المرجو إلا أنه يتباين ويختلف كما شرحنا سابقًا. وفي الواقع ما يؤلمني هو وجود عملاء يعشقون التفاوض عشقا! وكأنه إن لم يتفاوض لم يجد مرادًا ولا لذة، بل أحيانًا يصل به الأمر بأن يختبر نظرتك لنفسك بالسعر الذي تقدم “عميل لئيم حبتين!” ولا تتعجب إن سمعت أحدَ العملاء بعد مدّة كبيرة تمتد لسنوات يطلب منك تخفيض المبلغ الذي اتفقتم عليه عوضًا عن زيادته!! والحجة في ذلك “الخبرة والاعتياد” مثلما هو الحال مع الترجمة القانونية، مثلا وكأن الخبرة لا تزيد من الإنتاجية في آن! وفي النهاية نصيحتي بعد السرد الوارد أعلاه أن يدلي العميل بدلوه بعدها تحدد أنت متطلباتك وفقًا لهذا التصنيف الثلاثي.

 

إستراتيجية الدفع: بالنسبة للدفع فهو إما أن يكون شهريًا وإمّا كل 45 يومًا، وهناك شركات تدفع كل 60 يومًا ولكن لها أسس وشروط كأن يكون المشروع كبيرًا بعض الشيء، وفي هذه الحالة يدفع العميل دفعة بمجرد تسليم الملف ودفعة أخرى بعد المراجعة والمطابقة بما لا يزيد عن ستين يومًا. وحذاري من عقود الاحتكار التي ما هي إلا وسيلة للعمل بالسخرة ليس إلا.

 

قبل الموافقة على العمل تذكر أن: أ) تسأل عن العميل الخاص بك على الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، وعلى المواقع المهنية الأخرى والمنتديات مثل: Proz وTranslators cafe ب) تتفق مع العميل على ميعاد التسليم والأسعار ج) تتفق مع العميل على المصطلحات التخصصية، هل تترجمها بنفسك حسب اجتهادك أم أن لدى العميل مسردًا خاصًا به عليك اتباعه د) تسأل العميل عن الأسماء والأماكن والاختصارات الواردة في داخل النص هـ) تستفسر عن الأسلوب المفضل لذكر الاختصارات أو أسماء الشركات، هل تترجمها بأسلوب النقحرة Transliteration مثل Pepsi بيبسي أم تترجم للعربية مثل شركة محمد للنقل Mohamed Transportation Co هل لا بد من استخدام أي من أدوات الكات تولز من عدمه و) تستفسر عن نوعيه القارئ المستهدف Target Reader كي تعرف مسار النص، أهو متخصص يقرأه أهل التخصص أم متخصص يقرأه العامة قراءة مبسطة؟!

 

الوجهة الثالثة

الخبرة واستدامة العمل

الجودة: مفتاح النجاح المهني، إذ تتباين كمية المشاريع التي تستلم بناءً على الجودة التي تقدم. حاول أن تعطي النص ما يستحقه وابحث عن كل كلمة ينتابك الشك بشأنها، وحتى تلك التي تعرفها، لربما تجد مترادفًا لفظيًا أبلغ أو أفضل. حاول تطوير نفسك باستشارة أصحاب الخبرة فالاستشارة “فن التواصل بين العقول”. ولا تقلق أبدًا من المراجعة والاستجابات المرتدة – “الفيدباك”. وعليك أن تتحلى بالصبر والجلد ليتسع صدرك لسماع وجهة نظر كبار المترجمين من حولك؛ فقد تتولد هنا فرص لتصحيح مفاهيم علم لا نهاية له! لا تفقد ثقتك بنفسك فالترجمة علم “ملوش كبير!” فاقرع الحجة بالحجة واثبت قدراتك ولا تقلل من مجهودك أبدًا؛ فطريق الترجمة كله عثرات عليك أن تتخطاها. وتحل بالتواضع والثقة ولا تستحي أبدًا من التساؤل وتذكر أن “قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ أَصَبْتَ هَذَا الْعِلْمَ؟ قَالَ: “بِلِسَانٍ سَؤُولٍ، وَقَلْبٍ عَقُولٍ”.

 

السلاسة والاستجابة والثقة: استجابتك لكل نصيحة مهنية إلى جانب التحلي بالثقة الاحترافية ضماناتك الأساسية لاستدامة التعامل. أما عن المشاريع المتعددة للعميل الواحد؛ فعليك ترتيبها وفقًا لخطة زمنية ترسلها للعميل كي يلمس جديتك في الالتزام بمواعيد التسليم. ومن بين السبل المقترحة لتنظيم المهام هو استغلال التطور التكنولوجي في هواتفنا الذكية مثل، تطبيقات Reminders أو Notes ومثلها على الإنترنت موقع Todoist.com وهو موقع مميز جدًا في هذا الصدد وعرفت من القائمين عليه إنهم يسعون بجدية هذا العام لدعم اللغة العربية من خلال تعريب موقعهم وخدمتهم.

 

ميعاد التسليم والالتزام بكلمتك واتفاقك: من حق العميل أن يحدد موعد التسليم، ومن حقك المهني أن ترتب أمورك وتحدد ما إذا كان ذلك يتناسب معك من عدمه! ولكن لا يحق لك أبدًا أن تتخلف عن ميعاد التسليم. لذا، ارفض ما لا يتوافق مع تخصصك أو كفاءتك أو وقتك أو التزاماتك. رفض العمل مع تحديد الأسباب أفضل للعميل وصاحب المشروع من التأخر وعدم الالتزام بالمواعيد كي لا يؤثر بالسلب عليك، فضلًا عن أن مردوده سيكون سيئا على العميل؛ ذلك لأن المشروع سلسلة مترابطة إذا تأخرت مرحلة ما أو تعارضت مع أخرى سيؤثر ذلك فيما تبقى من إجراءات. وفي الواقع لحل تلك المعادلة الصعبة يجب أن تكون جادًا وصادقًا مع نفسك، اعرف قدراتك الحقيقية.

 

سبل التعامل مع مواعيد التسليم: من منا لم يقرأ في مادة الأحياء الأسماءَ اللاتينية للعائلات النباتية والحيوانية؟ ومن منا لم يواجه مشكلة في فهمها وحفظها وكتابتها؟ وكان حلها الوحيد تقطيع الكلمة لأجزاء، وهو الحل مع المشاريع الكبيرة أيضًا، ففي إدارة الوقت يكمن مربط الفرس. وقد طور الإيطالي “فرانشيسكو سيريلو” نظرية رائعة في إدارة الوقت تسمى “بومودورو Pomodoro Time ” إذ يمكن تقسيم عدد الكلمات اليومية على مدار ساعات العمل لتحقيق عدد الكلمات المطلوبة منك يوميًا، وأَخْذُ قسط من الراحة كل نصف ساعة مثلا بما لا يزيد عن 10 دقائق مع الالتزام الكامل بالابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي والتلفاز وغيرها من المؤثرات الخارجية. أضف إلى هذه النظرية -التي أدعوكم للاستزادة بالقراءة عنها عبر الإنترنت -برامج الحجب Block Apps التي تساعدك في ألّا تتأثر أبدًا بأي مؤثرات خارجية، وخاصية Mute أو Edit Notification Settings لأي جروب أو مجموعات دردشة إلخ. هذا إلى جانب تخصيص وقت محدد لوسائل التواصل الاجتماعي للاستفادة منها لا العكس!

 

مواعيد التسليم المضغوطة… ما الحل؟: إذا أرسل لك العميل عملًا مضغوطًا لا بد من التواصل المهني معه وأوصيك بأن تكون صادقًا مع نفسك ومع قدراتك؛ فخوفك وأمانتك تجاه النص تعلي من قدرك لدى العميل؛ فمهما مر الزمن فإن المعادلة بين الكم والكيف هي مفتاح النجاح.

 

حدثت الكارثة ولم توفق في ميعاد التسليم: ليست نهاية العالم! ولكن، ألم تشعر بذلك قبل المضي قدمًا؟ بالطبع شعرت! لذا؛ إن صادف ووجدت ما يشير بأنك لن تستطيع الالتزام بميعاد التسليم المقترح ناقش ذلك مع العميل واجعل الجودة حجتك! فسرعة القرارات ليست رخصة لنص يفتقر للجودة والمعايير اللغوية. ولا تنسَ أن فن قبول العمل لا يقل أهمية عن رفضه! وأوصيك برفض المهمة في حالتين: 1) غياب التخصص، 2) عدم موافقة العميل على مد ميعاد التسليم “الخيالي/ المضغوط”.

 

تيسير سبل التواصل: في مهنتنا -وخاصة العمل الحر- سهولة التواصل مطلوبة ولكن بحدود، فالعميل من حقه أن يصل لك في أوقات “محددة ومعينة”، وفي الوقت ذاته، وقتما يتواصل معك بشأن مشروع ما، يجب أن تجيب _على الأقل_ في مدة زمنية لا تتخطى النصف ساعة، لسهولة ذلك، يمكن التواصل عن طريق مواقع/ وسائل التواصل المختلفة حسب رغبتك ورغبته وبشتى الطرق ولكن (حسب اتفاق سابق بينك وبينه لا محالة).ووقتما تكون سبل التواصل مستعصية لأي سبب كان–عطل فني مثلا – يمكنك إبلاغ العميل بذلك وخاصة في أثناء العمل على مشروع كبير ممتد أو في حالة التعامل اليومي مع أحد العملاء.

 

المترجم سمعة: التزامك رخصتك للسفر من دولة لأخرى ومن عميل لآخر عبر الإنترنت. فكن حريصا على أن تترك طيب الأثر من مشروع لآخر. وإن كنت مشغولًا في وقت من الأوقات حاول أن تبلغ عميلك بذلك، سيقدرك كثيرًا فلا داع لتتأثر جودتك في سبيل الموافقة على المشاريع كلها في آن واحد. ويصح أحيانًا الإفصاح عن انشغالك ومناقشة سبل التنسيق بينك وبين العميل. وعليك أن تعلم تمامًا أن مهام العميل ومدير المشروع كثيرة، فإعادة إرسال مشروع لأكثر من شخص ومتابعته ومراجعته ليست بالمهمة الهينة أبدًا، وخاصة إذا جاء رفضك لمشروع ما بعد الموافقة عليه بمدة زمنية كبيرة.

 

تحديث بياناتك ومهاراتك لدى العميل: لا مانع أبدًا من إبلاغ العميل إذا اكتسبت مهارة أو شهادة جديدة في المجال، ولا مانع من إعادة إرسال سيرتك الذاتية المحدثة لفتح أبواب أكبر ومجالات أوسع للتعاون فيما بينكما.

 

الأدب في التواصل والتعامل: تحل بالأدب والذوق وحافظ على مهنية ورسمية التواصل في التعامل والحديث، فما فائدة الجودة العالية إذا غابت مهنية التواصل الاحترافي والأخلاقي؟!

 

العميل الجديد وكيفية جذب الانتباه: لعله من الأفضل أن تعمل على إعداد فقرة صغيرة عن مهاراتك وإمكاناتك التي تشجع العميل الجديد على التعامل معك كحجر أساس مستقبلي. ما الميزات التي تميزك عن غيرك من منافسيك مثلًا؟!بإمكانك أيضًا – لاجتذاب عملاء جدد – أن تسعى نحو الاستفسار عن سبب استمرارية التعاون بينك وبين عميلك المستديم/ الحالي، فمن شأن ذلك أن يكسبك فكرة عما يجب أن تشير إليه وتشرحه بدقة للعميل الجديد لتجذب انتباهه ليتعامل معك. واعلم أن العميل يحق له الاطمئنان بأنه باختياره لك وتعامله معك سيحقق أهدافه ومرامه. ولكن، احذر التصنع والمبالغة لأن ” ليس كل ما يلمع ذهبا ولا كل ما يبرق فضة”.

 

#دمتم_لغويين

Pin It on Pinterest